عمر السيد: قيدوم ناس الغيوان وابن تسكدلت
يُعد عمر السيد، المولود سنة 1947، أحد أعمدة الأغنية المغربية وأحد الرموز الثقافية البارزة في المغرب. ينتمي السيد إلى منطقة تسكدلت بدوار تالكردوست، حيث نشأ وسط بيئة بسيطة شكلت شخصيته ومسيرته الفنية الفريدة. منذ تأسيس مجموعة "ناس الغيوان" عام 1970، كان السيد أحد أعمدتها وأقدم أعضائها، مشاركًا في تشكيل هويتها الفنية التي جعلتها واحدة من أهم الفرق الموسيقية في العالم العربي.
بدأت رحلة السيد في عالم الفن من المسرح، حيث التحق سنة 1963 بجمعية "رواد الخشبة"، مما فتح له آفاقًا جديدة في عالم التمثيل. في عام 1967، التحق بالجوق الجهوي بالدار البيضاء، ليعزز تجربته الموسيقية. ثم عمل كممثل محترف في المسرح البلدي والتلفزيون المغربي سنة 1968، مما ساهم في صقل موهبته الفنية.
لم تكن مسيرة عمر السيد خالية من التحديات، فقد نشأ في أسرة فقيرة؛ والده كان عاملاً بسيطًا، ووالدته امرأة بدوية، مما أثر في تكوينه الإنساني والفني. لم يكن متفوقًا في دراسته، باستثناء مادة الكيمياء، لكنه أُبعد من المدرسة بسبب شغبه وسلوكه المتمرد. عمل في عدة مهن بسيطة، بدءًا من تحميل البضائع في ميناء الدار البيضاء إلى العمل في مصنع "الليمون"، قبل أن يتولى تدريس مكان أخيه محمد في مدرسة العهد الجديد. هناك، اكتشف شغفه بالموسيقى والمسرح، حيث كان يشرف على أنشطة فنية مع تلاميذه.
مع نضجه الفني، أسس رفقة أصدقائه مجموعة "ناس الغيوان"، التي أصبحت لاحقًا واحدة من أهم الفرق الغنائية في المغرب والعالم العربي. تولى السيد قيادة الفرقة، وهي مهمة لم تكن سهلة، خاصة وأن الفرقة ضمت فنانين ذوي شخصيات قوية ومتمردة، وصفهم البعض بأنهم "مجانين الفن".
إلى جانب الغناء، خاض السيد تجارب في المسرح والتلفزيون والسينما، كما أعد وصلات إشهارية وأشرف على جمع وتوثيق أغاني "ناس الغيوان" في ديوان خاص. هذا العمل كان ضروريًا للحفاظ على التراث الشفهي للفرقة، خاصة أن بعض الكلمات المستخدمة في أغانيها كانت تحمل أصالة وعمقًا لغويًا قد يصعب فهمه في العصر الحديث.
يظل عمر السيد، بشخصيته القيادية وروحه الفنية الفريدة، واحدًا من أبرز رموز الأغنية المغربية، ورجلًا أسهم في حفظ وتطوير التراث الموسيقي المغربي بأسلوبه الخاص.